بسم الله الرحمن الرحيم
أحاديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه [ ص: 102 ] [ ص: 103 ]
549 - قال أبو عبيد في حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - حين منعته العرب الزكاة ، فقيل له : اقبل ذاك منهم ، فقال : "لو منعوني عقالا مما أدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه كما أقاتلهم على الصلاة " .
قال : حدثناه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قال : حدثنا مجالد عن الشعبي بذلك في حديث طويل [ ص: 104 ] .
قال "أبو عبيد " : ويقال - في غير هذا الحديث - أنه قال : "لو منعوني عناقا لقاتلتهم عليه " .
قال "الكسائي " : العقال صدقة عام ، يقال : قد أخذ منهم عقال هذا العام : إذا أخذت منهم صدقته .
قال الأصمعي : يقال : بعث فلان على عقال بني فلان : إذا بعث على صدقاتهم .
قال "أبو عبيد " : فهذا كلام العرب المعروف عندهم .
وقد جاء في بعض الحديث غير ذلك .
ذكر الواقدي عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن عاصم بن عمر ، عن قتادة "أن محمد بن مسلمة كان يعمل على الصدقة في عهد النبي - صلى الله عليه [ ص: 105 ] وسلم - فكان يأمر الرجل إذا أتى بفريضتين أن يأتي بعقاليهما وقرانيهما " . ويروى عن حزام بن هشام ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب كان يأخذ مع كل فريضة عقالا ورواء فإذا جاءت إلى المدينة باعها ، ثم تصدق بتلك العقل والأروية .
قال : والرواء : الحبل الذي يقرن به البعيران . وكان الواقدي يزعم أن هذا رأي مالك بن أنس وابن أبي ذئب .
قال الواقدي : وكذلك الأمر عندنا . فهذا ما جاء في الحديث .
والشواهد في كلام العرب على القول الأول أكثر . قال : وهو عندي أشبه بالمعنى . قال : وأخبرني ابن الكلبي بإسناد له ، قال : استعمل "معاوية " ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات "كلب " فاعتدى عليهم ، [ ص: 106 ] فقال عمرو بن العداء الكلبي [في ذلك ] :
سعى عقالا فلم يترك لنا سيدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
لأصبح الحي أوبادا ولم يجدوا
عند التفرق في الهيجا جمالين
وقوله : جمالين : يريد جمالا هنا ، وجمالا هنا .
وهذا الشعر يبين لك أن العقال إنما هو صدقة عام .
وكذلك حديث يروى عن "عمر " - رحمه الله - .
قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أو يعقوب بن عتبة ، عن يزيد بن هرمز ، عن ابن أبي ذباب [أنه ] قال : أخر "عمر " الصدقة عام الرمادة ، فلما أحيا الناس بعثني فقال : أعقل عليهم [ ص: 107 ] عقالين ، فاقسم فيهم عقالا ، وأتني بالآخر " .
قال " أبو عبيد " : فهذا شاهد أيضا أن العقال صدقة عام .
وأما قوله : "عام الرمادة " فيقال : إنما سمي الرمادة ؛ لأن الزرع والشجر والنخل وكل شيء من النبات احترق ، مما أصابته السنة فشبه سواده بالرماد .
ويقال : بل الرمادة : الهلكة . يقال : قد رمد القوم ، وأرمدوا : إذا هلكوا ، وهذا كلام العرب ، والأول تفسير الفقهاء ، ولكل وجه .


