( وتخالفهما ) أي : الفاسدة الصحيحة ، والتعليق ( في أن للسيد فسخها ) بالفعل كالبيع ، والقول كأبطلتها فلا يعتق بأداء بعد الفسخ ؛ لأن تعليقها في ضمن معاوضة لم يسلم فيها العوض كما يأتي فلم تلزم . وإطلاق الفسخ فيها فيه تجوز ؛ لأنه إنما يكون في صحيح وقيد بالسيد ؛ لأنه يمتنع عليه الفسخ في الصحيحة كما قدمه وكذا في التعليق ، وأما العبد فيجوز له الفسخ في الصحيحة ، والفاسدة دون التعليق ( و ) في أنها تبطل بنحو إغماء السيد ، والحجر عليه بسفه كما يأتي لا فلس ، بخلاف نحو إغماء العبد ، والحجر عليه وفي ( أنه لا يملك ما يأخذه ) لفساد العقد ( بل يرجع ) فيما إذا عتق بالأداء ( المكاتب به ) أي : بعينه ( إن ) بقي وإلا فبمثله في المثلي وقيمته [ ص: 417 ] في المتقوم إن ( كان متقوما ) يعني له قيمة كما بأصله فليس المراد قسيم المثلي ، أما ما لا قيمة له كخمر فلا يرجع بعد تلفه على سيده بشيء ، نعم بحث شارح أن له أخذ محترم غير متقوم كجلد ميتة لم يدبغ ( وهو ) أي : السيد يرجع ( عليه ) أي : المكاتب ( بقيمته ) ؛ لأن فيها معنى المعاوضة وقد تلف المعقود عليه بالعتق ؛ إذ لا يمكن رده فهو كتلف مبيع فاسد في يد المشتري يرجع على البائع بما أدى ويرجع البائع عليه بالقيمة وتعتبر القيمة هنا ( يوم العتق ) ؛ لأنه يوم التلف .
ولو كاتب كافر كافرة على فاسد مقصود كخمر وقبض في الكفر فلا تراجع كما علم مما مر في نكاح المشرك ( فإن تجانسا ) أي : ما يرجع به العبد وما يستحقه السيد عليه بأن كانا دينين نقدين واتفقا جنسا ونوعا وصفة واستقرارا وحلولا ( فأقوال التقاص ) الآتية ( ويرجع صاحب الفضل به ) إن فضل شيء ؛ لأنه حقه ، أما إذا عتق لا بأداء بأن أعتقه السيد لا عن الكتابة ولو عن كفارته ، ومثل ذلك لو باعه ، أو وهبه ، أو رهنه ، أو أوصى برقبته ولم يقيد بعجزه فإنه يصح ويكون فسخا لها فلا يتبعه كسب ، ولا ولد ومما تخالف الصحيحة فيه أنه لا يجب فيها إيتاء ولا تصح الوصية بنجومها ، ولا تمنع رجوع الأصل [ ص: 418 ] ، ولا تحرم النظر على السيد ، ولا توجب عليه مهرا بوطئه لها ، وفي صور أخرى تبلغ ستين صورة ( قلت : أصح أقوال التقاص سقوط أحد الدينين بالآخر ) أي : يقدره منه إن اتفقا في جميع ما مر وكانا نقدين ( بلا رضا ) من صاحبهما ، أو من أحدهما ؛ لأن طلب أحدهما الآخر بمثل ما له عليه عبث وهذا فيه شبه بيع تقديرا ، والنهي عن بيع الدين بالدين إما مخصوص بغير ذلك ؛ لأنه يغتفر في التقديري ما لا يغتفر في غيره ، وأما محله في بيع الدين لغير من عليه ( والثاني ) إنما يسقط ( برضاهما ) ؛ لأنه يشبه الحوالة ( والثالث ) يسقط ( برضا أحدهما ) ؛ لأن للمدين أن يؤدي من حيث شاء ( والرابع لا يسقط ) ، وإن تراضيا ( والله أعلم ) ؛ لأنه يشبه بيع الدين بالدين .
أما إذا اختلفا جنسا ، أو غيره مما مر فلا تقاص كما لو كانا غير نقدين وهما متقومان مطلقا ، أو مثليان لا إن حصل به عتق لتشوف الشارع إليه ، أما لو اتفقا أجلا ففي وجه رجحه الإمام وتبعه البلقيني واستشهد له بنص الأم التقاص وفي آخر المنع ورجحه البغوي كالقاضي واقتضاه كلام الشرح الصغير لانتفاء المطالبة ولأن أجل أحدهما قد يحل بموته قبل الآخر ولو تراضيا بجعل الحال قصاصا عن المؤجل لم يجز كما رجحاه وحمل على ما إذا لم يحصل به عتق وإلا جاز كما أفاده كلام الأم وقياسه تقييد الوجهين المذكورين بذلك أيضا


