( وتقبل الشهادة بالردة [ ص: 94 ] مطلقا ) كما صححاه في الروضة وأصلها أيضا فلا يحتاج الشاهد لتفصيلها ؛ لأنها لخطرها لا يقدم العدل على الشهادة بها إلا بعد مزيد تحر ( وقيل يجب التفصيل ) بأن يذكر موجبها ، وإن لم يقل عالما مختارا خلافا لما يوهمه كلام الرافعي لاختلاف المذاهب في الكفر وخطر أمر الردة وهذا هو القياس لا سيما في العامي ومن رأيه يخالف رأي القاضي في هذا الباب ومن ثم أطال كثيرون في الانتصار له نقلا ومعنى وجريا عليه في الدعاوى وذكرا في مسائل ما يؤيده كالشهادة بنحو الزنا والسرقة والشرب ويتعين ترجيحه في خارجي لاعتقاده أن ارتكاب الكبيرة ردة مطلقا
وقد يقرب الأول أن سكوته عن الإسلام الذي لا كلفة فيه بوجه دليل على صدق الشهود فلم يجب التفصيل لسهولة رفع أثر الشهادة بالمبادرة بالإسلام بخلاف تلك المسائل فإنه لما لم يمكنه رفع أثر الشهادة أوجبنا تفصيلها حتى لا يقدم على مؤاخذته إلا بعد اليقين قال البلقيني ومحل الخلاف إن قالا ارتد عن الإيمان أو كفر بالله أما مجرد ارتد أو كفر فلا يقبل قطعا أي لاحتماله لكن ظاهر المتن الآتي الاكتفاء بقولهما لفظ لفظ كفر وهو مشكل ولا يحمل على فقيهين موافقين للقاضي في هذا الباب على ما يأتي أواخر الشهادات ؛ لأن الألفاظ والأفعال المكفرة كثر الاختلاف فيها لا سيما بين أهل المذهب الواحد فلا يتصور هنا الاتفاق لأن اللفظ المسموع قابل للاختلاف فيه فليجب بيانه مطلقا
( فعلى الأول لو شهدوا بردة ) إنشاء ( فأنكر ) بأن قال كذبا أو ما ارتددت ( حكم بالشهادة ) ولم ينظر لإنكاره فيستتاب ثم يقتل ما لم يسلم وكذا [ ص: 95 ] على الثاني إذا فصلوا فأنكر أما لو شهدوا بإقراره بها فظاهر كلامهم أنه كالأول وبحث ابن الرفعة قبول إنكاره كما لو شهدوا بإقراره بالزنا فأنكره ويرد بجواز الرجوع ومنه الإنكار ثم لا هنا ويفرق بسهولة التدارك هنا بالإسلام فلا ضرورة للرجوع ( فلو ) لم ينكر ، وإنما ( قال كنت مكرها واقتضته قرينة كأسر كفار ) له ( صدق بيمينه ) تحكيما للقرينة وحلف لاحتمال أنه مختار فإن قتل قبل اليمين لم يضمن لوجود المقتضي والأصل عدم المانع ( وإلا ) تقتضيه قرينة ( فلا ) يصدق فيحكم ببينونة زوجته التي لم يطأها ويطالب بالإسلام فإن أبى قتل
( ولو قالا لفظ لفظ كفر ) أو فعل فعله ( فادعى إكراها صدق ) بيمينه ( مطلقا ) أي من القرينة وعدمها ؛ لأنه لم يكذبهما إذ الإكراه إنما ينافي الردة دون نحو التلفظ بكلمتها لكن الحزم أن يجدد كلمة الإسلام وإنما لم يصدق في نظيره من الطلاق حيث لا قرينة ؛ لأنه حق آدمي فيحتاط له فإن قلت الفرق بين الشهادة بالردة وبالتلفظ بلفظها مثلا إنما يتجه بناء على عدم التفصيل أما عليه فلا يظهر بينهما فرق قلت بل بينهما فرق لأنهما إذا قالا ارتد لتلفظه بكذا حكما بالردة وبينا سببها فكان في دعوى الإكراه تكذيب لهما
وأما إذا قالا ابتداء لفظ بكذا فليس في دعوى الإكراه تكذيب لهما ولو شهدا بكفره وفصلاه لم يكف قوله : أنا مسلم بل لا بد من الشهادتين مع الاعتراف ببطلان ما كفر به أو البراءة من كل ما يخالف دين الإسلام


