[ ص: 127 ] القسم الثالث ) ما اختلف في التكفير به وهو من أثبت الأحكام دون الصفات فقال إن الله تعالى عالم بغير علم ومتكلم بغير كلام ، ومريد بغير إرادة وحي بغير حياة وكذلك في بقية الصفات فهذا هو حقيقة مذهب المعتزلة وللأشعري ، ومالك وأبي حنيفة والشافعي والباقلاني في تكفيرهم قولان .
( القسم الرابع ) ما اختلف أهل الحق فيه هل هو جهل تجب إزالته أم هو حق لا تجب إزالته فعلى القول الأول هو معصية ، وما رأيت من يكفر به وذلك كالقدم والبقاء فهل يجب أن يعتقد أن الله تعالى باق ببقاء قديم ويعصي من لم يعتقد ذلك أو يجب أن لا يعتقد ذلك بل الله تعالى باق بغير بقاء وقديم بغير قدم ، واعتقاد خلاف ذلك جهل حرام عكس المذهب الأول [ ص: 128 ] والفرق بين البقاء والقدم وغيرهما من الصفات مذكور في كتب أصول الدين ، والصحيح هنالك أن البقاء والقدم لا وجود لهما في الخارج بخلاف العلم والإرادة وغيرهما من الصفات السبعة التي هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والكلام والسمع والبصر .
( القسم الخامس ) جهل يتعلق بالصفات لا بالذات نحو تعلق قدرة الله تعالى بجميع الكائنات وهو مذهب أهل الحق أو لم يتعلق بأفعال الحيوانات وهو مذهب المعتزلة وكتعلق إرادة الله تعالى بتخصيص جميع الكائنات وهو مذهب أهل الحق أو لم تتعلق بأفعال الحيوانات وهو مذهب المعتزلة وفي تكفيرهم بذلك للعلماء قولان ، والصحيح عدم تكفيرهم .
( القسم السادس ) جهل يتعلق بالذات لا بصفة من الصفات مع الاعتراف بوجودها كالجهل بسلب الجسمية والجهة والمكان وهو مذهب الحشوية ، ومذهب أهل الحق استحالة جميع ذلك على الله تعالى وفي تكفير الحشوية بذلك قولان والصحيح عدم التكفير [ ص: 129 ] وأما سلب الأبوة والبنوة والحلول والاتحاد ونحو ذلك مما هو مستحيل على الله تعالى من هذا القبيل فأجمع المسلمون على تكفير من يجوز ذلك على الله تعالى بخلاف تجويز غيره من المستحيلات كالجهة ونحوها مما تقدم ذكره .
والفرق بين القسمين أن القسم الأول الذي هو الجسمية ونحوها فيه عذر عادي فإن الإنسان ينشأ عمره كله وهو لا يدرك موجودا إلا في جهة وهو جسم أو قائم بجسم فكان هذا عذرا عند بعض العلماء ، ولم يضطر الإنسان في مجاري العادات إلى البنوة والأبوة والحلول والاتحاد ونحوها فكم من موجود في العالم لم يلد ، ولم يولد كالأملاك والأفلاك [ ص: 130 ] والأرض والجبال والبحار فلما انتفت الشبهة الموجبة للضلال انتفى العذر فانعقد الإجماع على التكفير فهذا هو الفرق ، وعليه تدور الفتاوى فمن جوز على الله تعالى ما هو مستحيل عليه يتخرج على هذين القسمين .


