( قلت ) : وقرأت ، أنا به في اختيار أبي حاتم السجستاني ، ورواية حفص من طريق هبيرة . وقد رواه أصحاب السنن الأربعة وأحمد عن أبي سعيد الخدري بإسناد جيد ، وقال الترمذي هو أشهر حديث في هذا الباب ، وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن معقل بن يسار [ ص: 250 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة ، رواه الترمذي ، وقال : حسن غريب . ( الثاني ) : ( أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم ) ذكره الداني أيضا في جامعه عن أهل مصر وسائر بلاد المغرب ، وقال إنه استعمله منهم أكثر أهل الأداء ، وحكاه أبو معشر الطبري في سوق العروس عن أهل مصر أيضا ، وعن قنبل والزينبي ورواه الأهوازي عن المصريين عن ورش ، وقال على ذلك وجدت أهل الشام في الاستعاذة ، إلا أني لم أقرأ بها عليهم من طريق الأداء عن ابن عامر ، وإنما هو شيء يختارونه ورواه أداء عن أحمد بن جبير في اختياره ، وعن الزهري وأبي بحرية وابن مناذر وحكاه الخزاعي عن الزينبي عن قنبل ورواه أبو العز أداء عن أبي عدي عن ورش ورواه الهذلي عن ابن كثير في غير رواية الزينبي .
( الثالث ) : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . إن الله هو السميع العليم ) رواه الأهوازي عن أبي عمرو ، وذكره أبو معشر عن أهل مصر والمغرب ورويناه من طريق الهذلي عن أبي جعفر وشيبة ونافع في غير رواية أبي عدي عن ورش ، وحكاه الخزاعي وأبو الكرم الشهرزوري عن رجالهما عن أهل المدينة وابن عامر والكسائي وحمزة في أحد وجوهه . وروي عن عمر بن الخطاب ومسلم بن يسار وابن سيرين والثوري ( وقرأت أنا ) به في قراءة الأعمش ، إلا أنه في رواية الشنبوذي عنه أدغمت الهاء في الهاء . ( الرابع ) : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) رواه الخزاعي عن هبيرة عن حفص قال : وكذا في حفظي عن ابن الشارب عن الزينبي عن قنبل ، وذكره الهذلي عن أبي عدي عن ورش . ( الخامس ) : ( أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم ) رواه الهذلي عن الزينبي عن ابن كثير . [ ص: 251 ] ( السادس ) : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم ) ذكره الأهوازي عن جماعة ( وقرأت به ) في قراءة الحسن البصري . ( السابع ) : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأستفتح الله وهو خير الفاتحين . رواه أبو الحسين الخبازي ، عن شيخه أبي بكر الخوارزمي ، عن ابن مقسم ، عن إدريس ، عن خلف ، عن حمزة ( الثامن ) - أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم . رواه أبو داود في الدخول إلى المسجد ، عن عمرو بن العاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : إذا قال ذلك ، قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم إسناده جيد ، وهو حديث حسن ، ووردت بألفاظ تتعلق بشتم الشيطان نحو ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم الخبيث المخبث والرجس النجس ) ، كما رويناه في كتابي الدعاء لأبي القاسم الطبراني ، وعمل اليوم والليلة لأبي بكر بن السني ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال : ( اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم . ) وإسناده ضعيف ، ووردت أيضا بألفاظ تتعلق بما يستعاذ منه ، ففي حديث جبير بن مطعم : من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه رواه ابن ماجه ، وهذا لفظه ، وأبو داود والحاكم وابن حبان في صحيحيهما . وكذا في حديث أبي سعيد وفي حديث ابن مسعود : من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه .
وفسروه فقالوا : همزه الجنون ، ونفثه الشعر ، ونفخه الكبر .
وأما النقص فلم يتعرض للتنبيه عليه أكثر أئمتنا ، وكلام الشاطبي - رحمه الله - يقتضي عدمه ، والصحيح جوازه ؛ لما ورد ، فقد نص الحلواني في جامعه على جواز ذلك ، فقال : وليس للاستعاذة حد ينتهى إليه . من شاء زاد ، ومن شاء نقص ، أي : بحسب الرواية كما سيأتي ، وفي سنن أبي داود من حديث جبير بن مطعم ( أعوذ بالله من الشيطان ) من غير ذكر الرجيم ، وكذا رواه غيره ، وتقدم في حديث أبي هريرة من رواية النسائي " اللهم اعصمني من الشيطان " من غير ذكر الرجيم .
[ ص: 252 ] فهذا الذي أعلمه ورد في الاستعاذة من الشيطان في حال القراءة وغيرها ، ولا ينبغي أن يعدل عما صح منها حسبما ذكرناه مبينا ، ولا يعدل عما ورد عن السلف الصالح ، فإنما نحن متبعون لا مبتدعون . قال الجعبري في شرح قول الشاطبي :
وإن تزد لربك تنزيها فلست مجهلا
. هذه الزيادة وإن أطلقها وخصها فهي مقيدة بالرواية ، وعامة في غير التنزيه .


