الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أنجز شيئًا في حياتي وقد تقدمت في العمر، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

تقدمت في العمر، ولم أنجز شيئًا؛ لا علاقات اجتماعية، لا زواجًا، ولا عملًا واضحًا، لا أعرف ماذا أفعل بالضبط؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بدايةً: نشكر لك تواصلك مع موقعك إسلام ويب، وطلب الاستشارة، وما ذكرته -أخي الكريم- هو شعور يمرّ به كثير من الناس في مراحل معينة من العمر، حين يشعر الإنسان أن السنوات قد مضت دون إنجاز واضح، أو حين يقارن نفسه بالآخرين.

لكنّ النظرة الإيمانية المتزنة تذكّرك بأن الوقت لم يفت أبدًا، وأن باب التغيير مفتوح ما دمت حيًّا قادرًا على السعي، وأن البداية الحقيقية لا تُقاس بالعمر، بل بالعزيمة، والنية الصالحة، ويمكن تقسيم استشارتك للتعامل معها على أكثر من محور كما يلي:

أولًا: من الجانب الشرعي والإيماني:
- اعلم أن الله تعالى لا ينظر إلى ما مضى، بل إلى ما أنت مقبل عليه، قال تعالى:"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ" [الزمر:53].

- ابدأ من اليوم صفحةً جديدةً مع الله؛ فالتوبة، والنية الصادقة، والعمل الصالح تجدد الروح، وتفتح لك بركةً في الرزق، والعمر، والعمل، احرص على الصلوات في وقتها، ووردٍ ثابت من القرآن والذكر؛ فذلك يزرع الطمأنينة، ويزيد وضوح البصيرة، وابدأ كل يوم بدعاء الاستخارة والاستعانة بالله؛ ليهديك إلى الطريق الأصلح لك.

ثانيًا: من الجانب النفسي والاجتماعي:
العزلة الطويلة تُضعف الثقة بالنفس، وتغذي الشعور بالفراغ، لذلك احرص على كسر دائرة الوحدة تدريجيًا، وابدأ بخطوات بسيطة مثل:
• التواصل مع أقاربك أو جيرانك، ولو باتصال بسيط، أو لقاء قصير.
• حضور بعض الأنشطة الاجتماعية، أو الدورات التطوعية التي تناسب اهتماماتك.
• مارس أي نشاط بدني كالرياضة أو المشي الجماعي؛ فله أثر كبير في تحسين المزاج والدافعية.

تذكّر أن العلاقات لا تُبنى دفعةً واحدةً، بل بالتدرج، وأن البداية تكون دائمًا بمبادرة صغيرة من طرفك.

ثالثًا: من الجانب العملي والتخطيطي:
ضع لنفسك أهدافًا واضحة، لكن ابدأ من الصغير الممكن، لا من المثالي الكبير مع التركيز على ما يلي:

• حدّد مجالًا عمليًا أو مهنيًا يناسب قدراتك، وابدأ بتعلم مهارة جديدة، أو تطوير مهارة قديمة؛ فالعلم والعمل هما أسرع وسيلة لاستعادة الإحساس بالجدوى.
• ضع جدولًا يوميًا بسيطًا يتضمن فيه وقتًا للعمل، ووقتًا للعبادة، ووقتًا للراحة، كما أن الانتظام اليومي يصنع الفرق حتى لو كانت الخطوات بسيطةً.
• لا تؤجل الزواج أو الاستقرار خوفًا من قلة المال؛ فالرزق بيد الله، والزواج باب بركة واستقرار نفسي واجتماعي كبير.
• لا تقلق من تأخر الإنجاز؛ فكل إنسان له زمنه الخاص، والكثير من الناجحين لم يبدؤوا طريقهم الحقيقي إلا بعد الثلاثين أو الأربعين، المهم أن تكون صادق النية في التغيير، وأن تبدأ بخطوة واحدة اليوم قبل الغد.

نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، وأن يفتح أمامك أبواب الخير والرزق والطمأنينة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً