الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي بعيد عني ولا أشعر بالاكتفاء العاطفي والمادي

السؤال

برجاء عدم نشر المشكلة لاحتوائها على تفاصيل خاصة بأصحابها.

أنا طبيبة أعمل في بلدي في وظيفة مرموقة، وعلى قدر من الخلق والدين والجمال بشهادة من حولي، تقدّم لي الكثير من الخطّاب، لكن لم يحدث توافق حتى التقيت بزوجي، الذي يعمل في دولة أوروبية، هو إنسان محترم ومثقف، وأحسبه يتقي الله في علاقاته وحياته، عفيف ولم يسبق له الزواج، مثلي.

تزوجنا في بلدنا، على وعد منه بأنه سينهي إجراءات لمّ الشمل، لكن بسبب ظروف عمله، وعدم استقرار أحواله، وجزء من التكاسل منه، مرّ عامان ونحن في بلدين منفصلين، بلا أولاد، ينزل في إجازات قليلة، ويعطيني فيها من وقته القليل، حتى العلاقة الخاصة بين الأزواج لا تحدث إلا نادرًا، وغالبًا غير مكتملة، لا أعتقد أن مجموع ما قضيناه كزوجين يتعدى شهرًا واحدًا في السنة.

أشعر دائمًا بعدم الاكتفاء العاطفي، ولا الجنسي، ولا المادي، وفوق ذلك، يسمح بتدخل والدته في كل تفاصيل حياتنا، حتى إن قال لي كلمة طيبة، يتبعها بقوله إن والدته أوصته بذلك، أصبحت أشعر بالاختناق، وفقدت احترامه أمامي، بسبب اعتماده المفرط على والدته، ومعاملتها له كطفل، حتى إنها توبّخه وتذمّه أمامي، أما الخصوصية، فأصبحت لا تتحقق إلا بعزل حياتي عنه، كي لا يشاركها مع والدته.

صرنا عمليًا منفصلين، لكن يربطنا عقد زواج، وقليل من المكالمات عبر الإنترنت، أي دعم أحتاجه، ألجأ فيه إلى عائلتي، لجأت إلى مختصين في العلاقات، ونصحوني بالانفصال، لكنني أشعر بتأنيب الضمير؛ لأنه متعلق بي، ويريد أن تتغير حياته، ويطلب مني دائمًا أن أصبر أكثر، لكنني بين نارين: إلى متى سأضيّع عمري في علاقة لا وجود لها في الواقع، ولا نهاية محددة لهذا الوضع؟

عمري ليس صغيرًا، ورغبتي في إنجاب طفل تصطدم بتحديات انعدام العلاقة، وتقدّم العمر، وتأخّر اتخاذ القرار المناسب، أحاول أن أذكّر نفسي أن كل شيء بقدر الله، لكننا نختار ضمن هذا القدر، ولهذا أنا بحاجة إلى مساعدة لأختار الصواب.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ي . م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للاستشارة والتواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يُسهِّل أمرك، وأن يتمم لكم هذا الأمر على خير.

والجميل أنك على دينٍ وخُلقٍ وجمال، والرجل أيضًا على صفات جميلة -كما أشرت إليه- ويبدو أن إشكال العلاقة هو نمط تنشئة هذا الزوج، الذي يعتمد على والدته، ويتكاسل في اتخاذ قراراته، وفي هذه الحالة نحن ننصح أولًا بتحسين العلاقة مع الوالدة؛ لأن الريموت معها، فهي المحرك لهذه العلاقة، وأرجو ألَّا تتحرجي كثيرًا من هذا النمط، رغم الإزعاج الحاصل، إلَّا أنك تحتاجين لبعض الوقت حتى يتغير هذا النمط، ولكي ليتغير هذا النمط، اعتبري والدته والدةً لك، استمعي لنصائحها، وعندها ستكون معك في دفعه إلى الأمام، وفي دفعه إلى الطريق الصحيح.

وبلا شك هذا الأمر ليس سهلًا، ولكن علينا أن نُدرك أن التغيير في مثل هذه الأحوال يحتاج إلى جزء كبير من الوقت، وقبل أن تتخذي قرار الانفصال، أو إيقاف هذه الحياة، ينبغي أن تكون هناك دراسة شاملة للإيجابيات الحاصلة، وللسلبيات المتوقعة؛ لأن القرار الصحيح هو الذي يعتمد على الدراسة الشاملة، التي تنظر إلى مآلات الأمور وعواقبها والبدائل المتاحة، فالبدائل المتاحة من المسائل المهمة جدًّا؛ لأننا في زمانٍ قلَّ من يأتي ليطرق الأبواب، ويطلب الزواج بالطريقة الشرعية الصحيحة.

وبالتالي أرجو أن تكون النظرة شاملة، وننصحك بأن تكوني واضحة؛ فإذا كان هو متعلقًا بك ومصرًّا على أن يُكمل، فأرجو أن تضعي له الشروط الواضحة، وعندها ينبغي أن يحاول تطبيق هذه الشروط؛ لأنه أيضًا سيتضرر جدًّا من توقف هذه العلاقة، بعد أن فاز بزوجةٍ بهذه المواصفات، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

أرجو أن تُشجعيه للذهاب إليه هناك، وأيضًا لا بد أن تُدركي أن علاقته بوالدته هذه علاقة مؤقتة، العلاقة الأصلية التي ستدوم هي العلاقة بينكم كزوجين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب.

ونتمنى أن تضعي هذه النقاط واضحة: ما هي إيجابيات الاستمرار؟ ما هي السلبيات؟ ما هي الأشياء المتوقعة؟ ما مآلات الأمور؟ ما الفرص المتاحة أمامك؟ إذا حصل الانفصال هل هناك فرص جديدة لاستئناف حياةٍ زوجيةٍ جديدة؟ هذا أيضًا من الأمور التي نحتاج إلى أن نقف عندها، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب.

ومرة أخرى أرجو أن تُحسني علاقتك بوالدته طالما كان القرار بيدها، وطالما كان لها هذا التأثير، وتدرجي معه في الحفاظ على الخصوصيات، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وشكرًا لك على التواصل مع الموقع.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً